Wednesday, October 1, 2014

ليلة الثامن والعشرين من سبتمبر 1970

النهاردة واحد أكتوبر..طيب ماهو إمبارح كان تلاتين من سبتمبر،صدقنى أنا محتار أكتب عن سبتمبر هيزعل أكتوبر ولو حصل العكس ستكون نفس النتيجة..لذلك سأعمل" إستخارة" لأحدد هل أكتب عن ألأول أم أفضل الثانى ليتبوأ حق ألآخر؟؟
ليس المهم ألأول أو الثانى ولكن المهم ماذا سأكتب؟؟أبدأ بسبتمبر فله ذكرى عميقة بذاكرة العواجيز من امتد بهم العمر من عام 1970 حتى اليوم..وقد كنا نعيش فى إظلام والقاهرة تنام مبكرآ..بسبب حرب ألأستنزاف التى كانت مصر تقودها ضد العدو ألأسرائيلى..وبينما نحن على هذا الحال وميدان التحرير شبه مظلم ..وميدان السيدة زينب يعانى من زحمة مريدى السيدة ممن يتمسحون بالهيكل النحاسى الذى يحوط مقام بنت الرسول المفدى والتى جاءت مصر وسط تكبير وتهليل وسعادة وترحيب بمقدم بنت رسول الله التى أنجبت الحسن والحسين الطاهرين لأنهما من جذور طاهرة ونسب طاهر..محمد بن......عفوآ لقد نسيت من هو أبيه فقد زحف الخرف أو مايطلق عليه مرض الزهايمر إلى رقائق مخى لينسينى أشياء أود أن أتذكرها أو يذكرنى بأشياء أتمنى أن أنساها.
كنت الساعة السادسة من مساء يوم 28من سبتمبر أستقل عربة الترام من ميدان السيدة زينب قاصدآ شارع ألأزهر لقضاء حاجة لى..ورأيت أحد الجلوس بمقعد جانبى يبادرنى بالسؤال:هوه فيه إيه؟؟..لم أفهم القصد من وراء السؤال..أهو يسألنى عن أمر عام أم يقصد قصدآ خاص بى يتعلق بمظهرى..بلباسى..بلون بذتى ؟؟كلها أمور واردة..ولكنك لاتستطيع أن تتحقق من قصده إلا إذا أجبته بسؤال وليست إجابه لما يسأل..فقلت له بنبرة إستفهام:حضرتك تقصد إيه؟؟
يقول لى فيه قرآن بصورة مستمرة من الراديو؟؟ياترى حد مات؟؟
والقرآن مظهر من مظاهر الحزن وتلاوته تعنى العبرة (بكلام الله) فالموت عبرة لمن اعتبر..والقرآن ييحقق تلك العبرة ويقويها..فلم أدر جوابآ وهمهمت بأنى منذ ساعات وأنا أستقل المواصلات ولا أدرى شيئآ عن ألأخبار ؟؟
ورجعت من مقصدى فى الساعةالتاسعة مساءآ.إلى الجيزة لأستقل التاكسى بالنفر من ميدان الجيزة حتى شارع الهرم..رحلة أقطعها يوميآ..مره ..مرتين..أو أكثر وليست مكلفة فالنفر فى التاكسى بثلاثة قروش من ميدان الجيزة حتى الطالبية..ولاأظنك تعرف ماهو القرش أو كما كان يكتب أحيانآ"غرش"؟؟لماذا لاأدرى
أما أن تستقل ألأوتوبيس فهذا هو العذاب أو الذل ولا فرق أو فارق بينهما فبعض الخطوط لهيئة النقل العام كان لايسير بها سوى سيارة واحدة..مثل خط 12 دائرى من السيدة زينب مرورآ بالمنيل ثم ميدان الجيزة فشارع الجامعة حتى كوبرى الجامعة ومن شارع القصر العينى إلى ميدان السيدة وبالعكس..
كانت هناك همهمة أو تمتمة على الشفاه..توجهت للبقال..ولم يكن يومها يوجد ماعرف اليوم باسم "سوبر ماركت" وكان بعضهم ينطقها"سوبار مارك"؟؟لأشترى جبنة وزيتون وعدة أرغفة من العيش الفينو الذى كان ثمنه قرش صاغ.
وعندما سألت البقال :هوه فيه إيه؟؟أجابنى بصوت خفيض..بيقولوا عبد الناصر مات..
توجهت بقدمين ثقيلتين وقلب يتمنى ألا يكون الخبر صحيحآ..بل هو إشاعة أطلقتها إسرائيل كبالونة إختبار لتعرف تأثير فقدان عبد الناصر على الشعب المصرى وألأمة العربية بأسرها..وهل تدنت شعبيته من 1967 إلى ذاك اليوم عما كانت عليه؟؟
حاولت أن أستقل التاكسى وتحسست جيبى لأطمئن على وجود الثلاثة قروش ..وبعد عملية التأمين تلك جلست إلى جانب السائق..الذى نظر إلى من يستقل التاكسى بلهجة قوامها عصبية..وكلام خشن..يعلن فيه أنه لن يقود السيارة؟؟عبد الناصر مات ياناس!!؟؟عبارة قوامها الحزن..فقدان الحياة..كارثة قد حلت أو نزلت على أم رأسه؟؟ولايملك شيئآ سوى أن يعلن العصيان والتوقف عن العمل..مشاركة لتوقف الحياة ونضوب معينها من جسد عبد الناصر.
ويبدو أن رشده قد عاد إليه وحسبها بالمنطق ألأقتصادى..ماذا سأستفيد ؟؟بل سوف أخسر ولن أعود إلى مرتى وأولادى بما يتمنون من خبز وفول أو جبن وزيتون!!
ودارت العربة إلى وجهتها وتفرق الجمع كل إلى مقصده..ليبلغ كل واحد أهله وذويه أن عبد الناصر مات..عبد الناصر فقدناه..عبد الناصر رحل وتركنا..
ونمنا لتتوالى قرارات تعلن بين طياتها أزمة وتعامل حكومة مع أزمة..وقرار بتوقف أتوبيسات العاصمة عن العمل ثلاثة أيام ..شلل فى المصالح العامة..العمل شارك بدورة وفاة ناصر فمات هو ألآخر وأغلقت الشركات وأعلن الحداد..وأبلغت السفارات التى أبلغت حكوماتها بأن عبد الناصر أعلن أنه مات ببيان رسمى قاله نائب رئيس الجمهورية أنور السادات بكلمة متشحة بالسواد..مضرجة بالحزن..فقدت ألأمة العربية رجلآ من أشجع الرجال...الخ
وجاء اليوم الموعود الذى لابد وأن أسرد ماحدث فيه على مسامعك..إذا لم تكن قد ضجرت منى أو تأففت من حديثى الممل

No comments: