Tuesday, May 27, 2014

شاهد على العصر(4)

أما من ناحية المواصلات القاهرية فلم نكن نعانى إلا من خلال فترتين محددتين..أولاهما فترة الصباح حيث تزدحم المواصلات العامة بخلق الله ومعظمهم من التلاميذ وطلبة الجامعة والفترة الثانية كانت تقع مابين الساعة الثانية والرابعة حيث يخرج جيش الموظفين ليذهبوا لبيوتهم..يتميز الموظف المصرى فى فصل الصيف بأنه يحمل على قلبه البطيخة ماركة جيزة نمرة واحد ..وتحت إبطه الجورنال وعلى رأسه الطربوش والذى كان فى بعض ألأحيان يحاط بمنديل أبيض ليشرب العرق الذى لابد وأن يتصبب من جراء حر القاهرة الشديد...ا
ولقد فكر أحد رساموا الكاريكاتير فى وسيلة يتغلب بها ساكنوا القاهرة على حرارة الجو فرسم عربة مطافئ مكتوب عليها للإيجار..وبها خراطيمها التى تجهز بها ورقم التليفون الشهير حتى لا يتجشم من يستدعيها أن يبحث فى دفتر التليفونات..وفى الكاريكاتير رجل مطافئ يسلط خرطوم عربته على البلاكونات فى ألأدوار العليا وبعد الطابق ألأرضى نظرآ لحرارة الجو..يعنى ممكن من يستدعى عربة المطافئ أن يستحم 
ويلطف الجو وكل ده خدمة تقدمها الحكومة؟؟
ولا أنسى أن أقول لك أنه لم يكن هناك شركة كولدير ولا موندير التى تنتج الجهاز المصرى الذى كان يعد أرخص جهاز تكييف فى العالم ..ب150 جنيه فقط..لكن من معه 150 جنيه إلا إذا كان نصف مليونير مثلآ؟؟
لم تكن المواصلات العامة خاضعة للحكومة أو مملوكة لها ولكن بعد النقلة الحضارية من سوارس طرحت الحكومة بيع خطوط لها مسار محدد يخترق شوارع القاهرة ..وكأن التاريخ يعيد نفسه،فما نراه اليوم من سيارات ومايكروباسات تبقر بطون شوارع القاهرة..تعيدنا لما كان فى ألأربعينيات ومابعدها..ولكن مع الفارق الهام والهام جدآ...أن الماضى كان يلازمه التظام وألإلتزام..والخدمة شبه المثالية ..أما اليوم فطبقآ لمبدأ كل واجرى..فالكل يعمل وفقآ لما يراه..ولاضابط ولا رابط..وأظن أن هذا هو أحد نتائج ألأنفتاح السداح مداح..وليته كان إنفتاحآ من الخارج على مصر الغلبانة،ولكنه انفتاح وتوحش من كل من يتخيل أن مصر فى كل جزء من جسدها حلال مباح أن ينهشه طالما كانت الفائدة مضمونه له وليس لمصر!!ا
شركات محترمة كانت تحتكر بعض الخطوط..مثل شركة مقار..التى كانت تجرى سياراتها ماركة "بدفورد" على خطوط 11و12و13 وكان منهم خط 12 دائرى من الجيزة للسيدة زينب،ثم من السيدة للمنيل ثم متخطي’ كوبرى عباس..إلى الجيزة ثانية..ودوخينى يالامونه..ا
شركة أخرى هى شركة ألأسيوطى..حيث كانت خطوطها فى شرق القاهرة..أما سياراتها فكانت فرنسية ماركة "سافييم" وقد طق فى مدير تسويق الشركة أن يأتى لأرض الواقع بشوارع مصر كى يطمئن على مدى جودة سيارات الشركة التى تصدرها لمصر..وقدرأى بعينيه منظر شعلقة الشعب المصرى على أبواب السيارات السافييم..والناس متدلية ..ولم يشأ إلا أن يلتقط الصور التذكارية لتلك السيارات التى ظن أنها تسير فى شوارع بلاد الواق واق أو كينيا حيث منظمة الماو ماو التى قيل لنا أنهم يأكلون لحم البشر وليس على نهر الطريق لدولة متحضرة بها نقطة نظام،أو بصيص من الحضارة؟؟
أرسلت تلك الصور لمقر الشركة لتكون مادة دعائية تظهر بوضوح وجلاء مدى متانة سيارات السافييم..وتحملها لبلاوى ومصائب الشعب المصرى الكريم !!ا
أما نصيب ألأسد لتلك الخطوط فكان من نصيب السيد المحترم عبد اللطيف أبورجيلة المليونير المعروف(نحن نتكلم فى خمسينيات القرن المنصرم)وكانت شهرته تجوب ألآفاق فضلآ عن أعماله واستثماراته..فقد كان مديرآ لنادى الزمالك..يرعاه ويتعهده..مقابل أحمد عبود باشا الذى كان يرعى ويتعهد النادى ألأهلى.ا
كانت خطوطه متعدده أذكر منها خط 6و7و10..إلى جانب خطوط أخرى كانت الرقابة عليها صارمة بل يقال أن عبد اللطيف أبورجيلة بشحمه ولحمه كان يتخفى ليراقب بنفسه حركة الخطوط التى يمتلكها فى شوارع القاهرة..ا
ولكن بعد التأميم كنت شاهدآ على حوار بينى كان طرفاه إثنين من السائقين يتحادثا فى وضع متوازى فى شارع فؤاد وكل منهما يقود سيارته،ألأول يقول للثانى"ا
إنت ماشى بسرعة كده ليه..ماخلاص بقينا حكومة..ولا يهمك بعد النهاردة!!ا
إذن العامل المصرى لابد وأن يلوح له بالسوط حتى يخلص فى أدائه ويقوم بواجبه؟؟
ولذلك أصبح معدل ألأداء اليومى فى مصر للموظف المصرى..22دقيقة..ياااااه 22 دقيقة لم تصل حتى لنصف ساعة؟؟
ماهو حال وسط البلد؟؟
هل كان وسط البلد يماثل شانزيليزيه باريس فى الحسن والجمال؟؟
بطبيعة الحال كان بالنسبة لنا أكثر..رغم ضآلة موارده..محلات طريقة العرض بها أدنى من المتوسط..المنتجات غير متنوعة..ألأذواق غير راقية إلا من بعض المحال التى كانت تتميز بحسن ألأداء ومعاملة الزبون كما ينبغى..أتذكر منها محل أليجانس فى شارع قصر النيل الذى كان الزبون يسلم نفسه لمن يقوم بخدمته حتى يعاونه فى انتقاء ما يليق به أو يضاهى أبعاده..محلات ليهود مثل داوود عدس،مثل صيدناوى وشيكوريل..وبعض الشوام أيضآ مثل سمعان الذى شيد مؤسسة كبيرة للبيت العصرى والنوفوتيهات..ثم أطبق عليه قرار التأميم فسلب اللحم والعظم..فذهب إلى الكولونيل عبد الناصر يشكو له ما حدث ومن الحديث ماانقطع..ليقول أنه بعرقه وكفاحه وبمائة جنيه أتى لمصر ثم استطاع أن يشيد صرحآ كبيرا يدعم إقتصاد مصر..هل يرضى الله ذلك؟؟
إبتسم الكولونيل ورد باقتضاب شديد...عندى حل يرضيك...؟؟؟هو أن تأخذ مائة جنية وتذهب بلاد الله خلق الله..أظن هذا حل عادل..نعطيك ماأنفقته فى مصر المحروسة؟؟؟
كنا لاننزل وسط البلد إلا ونرتدى ملابس شيك..حتى نبدو أولاد ناس..قميص أفرنكى..وبنطلون صوف إنجليزى..وحذاء من عند محل كايزك ب99قرش..يابلاش؟؟
ومن يجد فى نفسه القدرة أن يرتدى بدلة على أساس أن الحاله مبشبشة وألأشيا معدن فليرتدى..وبالضرورة كرافت شيك..كانت أغلى كرافت على الموضة من نسيج الدرالون ب225قرش من محل ياسين بشارع سليمان؟؟أو بافيون ..ولعلمك كنت أرتديه تشبهآ بأستاذ كنت أحبه تعرفت عليه بجمعية الشبان المسيحيين
مفروض أقول لسيادتك تصبح على خير وإلا أكون دمى تقيل لو زودت عن كدة

No comments: